--------------------------------------------------------------------------------
وللتعرف علي أهمية هذه المغارة نرجع إلي الوراء.. إلي عشرة قرون مضت وبالتحديد عام 979 أيام الدولة الفاطمية. من الثابت تاريخيا أن مدينة القاهرة كانت إحدي المدن القديمة التي بنيت في العصور المختلفة. فالتاريخ يؤكد لنا بالوثائق أن أولي هذه المدن كانت 'بابليون' أو قصر الشمع وهي الآن مصر القديمة وقد أسسها البيزنطيون.. وثانيها هي مدينة 'أم دنين' وهي الان قلب القاهرة أو علي وجه التحديدمنطقة محطة مصر وما حولها.. وثالث هذه المدن مدينة 'الفسطاط' والتي تقع بالقرب من عين الصيرة وأسسها عمرو بن العاص.. أما رابع هذه المدن فكانت مدينة 'العسكر' التي تقع بين الفسطاط وجبل المقطم وقد أسسها العباسيون.. وخامس هذه المدن كانت مدينة 'القطائع' التي تقع بالقرب من مدينة العسكر وعلي وجه التحديد بجوار جامع ابن طولون وأسسها أحمد بن طولون.. أما آخرها فكانت مدينة 'القاهرة' وهي المنطقة التي تضم الجامع الأزهر وماحوله.. وقد أسسها الفاطميون في عهد المعز لدين الله الفاطمي في عام 969 ميلاديا.. وفي كتاب 'سيرة القديس سمعان الخراز' 'الدباغ' يتحدث عن الرواية المتعلقة بالمنارة: من المعروف أن الحاكم المعز لدين الله الفاطمي كان محبا لمجالس الأدب ومولعا بالمناقشات الدينية ولهذا كان يجمع رجال الدين من المسلمين والمسيحيين واليهود للمناقشة في مجلسه شريطة أن يتقبل الجميع مايثار بلا غضب أو انفعال أو خصام.. وكان من ضمن أفراد هذا المجلس رجل يهودي اعتنق الإسلام لكي يصبح وزيرا في الدولة هو 'يعقوب بن كلس' ويتردد أنه في إحدي هذه الجلسات التي كانت تضم الجميع.. بطريرك الأقباط في ذلك الوقت الأنبا ابرام السرياني.. والوزير يعقوب بن كلس اليهودي الأصل ومعه زميل له يدعي موسي.. وفي هذه الجلسة حاول اليهوديان أن يوقعا الحاكم مع الأقباط فقالا للحاكم بأننا وجدنا في انجيل النصاري آية تقول 'ان من له إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلي هناك فينتقل ولا يكون شيئا غير ممكن' وبالتالي فعليك بصفتك الحاكم أن تطلب من البابا البطريرك أن ينقل الجبل الجاثم شرق القاهرة وإن لم يستطع يكون دينهم باطلا ويجب إبادتهم! وقبل أن ينفض المجلس طلب الخليفة المعز من البابا إبرآم السرياني اثبات صحة هذه الآية.. أي اثبات إمكانية نقل جبل المقطم إذا صحت الآية.. وبعد أن صلي البطريرك طلب من الخليفة مهلة ثلاثة أيام حتي يثبت له هذه المعجزة. رؤية ومعجزة ورجع البابا ليجمع شعبه ويطلب منهم الصوم ثلاثة أيام مع الصلاة المستمرة واعتكف هو ورجال الدين داخل كنيسة العذراء بالمعلقة.. وفجر اليوم الثالث ظهرت السيدة العذراء للبابا أثناء غفوته وأخبرته بأن يخرج إلي الشارع فسيجد رجلا يحمل جرة ماء وبعين واحدة.. إن هذا الرجل ستتم المعجزة علي يديه.. وأسرع البابا إلي الشارع ناحية السوق فوجد فعلا رجلا بهذه الأوصاف فأمسك به وأدخله الكنيسة وأخبره بأن اختير لتقع معجزة نقل جبل المقطم علي يديه.. واضطرب الرجل وأخبر البابا بأنه رجل فقير ويعمل اسكافيا فكيف يقع الاختيار عليه؟! ولكن البابا البطريرك أكد له أن السيدة العذراء ظهرت لتبلغه بهذا الأمر.. ووافق الرجل واشترط أن يتكتم حقيقة أمره طالما هو حي علي الأرض. كان هذا الرجل يدعي سمعان الخراز نسبة إلي مهنته التي كانت موزعة بين دباغة الجلود والاسكافي وهو من يقوم بإصلاح الأحذية.. المهم انه طلب من البابا البطريرك أن يصعد إلي الجبل ومعه رجال الدين حاملين الأناجيل والصلبان والشموع.. وأيضا المجامر مملوءة بالبخور ويقفون في جانب أعلي الجبل وأن يصعد الخليفة وحاشيته ورجال الدولة أعلي الجانب المقابل من الجبل.. وأن يصعد الشعب أيضا ليري ويشاهد الجميع هذه المعجزة التي وعد بها الرب. وفي الموعد المحدد.. أي بعد ثلاثة أيام من الصوم والصلاة